روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | حُيِّيتَ أيّها العدل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > حُيِّيتَ أيّها العدل


  حُيِّيتَ أيّها العدل
     عدد مرات المشاهدة: 2160        عدد مرات الإرسال: 0

أعتقدُ أنَّه من أفضل ما حصلت عليه، أن أعيشَ ضِمنَ أُسرةٍ عادِلةٍ تَقومُ بِتَوزيعِ العملِ المنزليِّ على الجميعِ بدلاً من جعلهِ واجباً خاصاً بالفَتياتِ، وهذا ما جَعلني سعيدةً، وجعلَ أخويَّ من أسوأ الفتيانِ حظاً في العالمِ.

أليس منظرُ فتىً يرتدي مِريلةَ المطبَخِ وعلى وجههِ رُسِمَتْ علامَاتُ الأسى فاتِناً، أليست مُحَاولاتُهُ البائِسةُ للتَهربِ من نَصيبهِ مِن العملِ المنزِليِّ تُشبِهُ فيلماً كوميدياً.. ولكنَ النِظَامَ هو النِظَام.

كانَ أخي فاشِلاً في إختراعِ الأعذارِ، والتهرُّبِ من نصيبِهِ من العملِ المنزليِّ، ولن أنسى أبداً اليومَ الَّذي قالَ فيهِ بأنَّه يتحسسُ من الماء.. أمّا بالنسبَةِ لأعذارِ التعبِ والإنشغالِ الواهيةِ فليسَ هناك مشكلةٌ على الإطلاقِ فبإمكانِ الأطباق الإنتِظارُ دوماً.

كانَ النِظامُ المنزليُّ يَنُصُّ على تقسيمِ الأطباقِ لِغَسلها حسبَ قوانينَ تَتَغيرُ من وقتٍ لآخر أنجحُها بإعتقادي هو أن ينظِفَ كلُّ واحدٍ ما يستعملهُ فوراً، فهو يريحُ من عناءِ الوقُوفِ الطَّويلِ أمامَ حوضِ غَسلِ الأطباق، أمَّا النِظامُ السَّابقُ فقَد كانَ يَجعلُ غَسلَ الأكواب من نصيبي، أمَّا أخي الأكبر -الَّذي يَتَحسسُ مِنَ الماء- فقد كانَ يقوم بغسلِ الأطباق، وأخي الأصغر يقومُ بِتنظيفِ الملاعق.

ومنذ حوالي أربعِ سنواتٍ، أي حينَ كانَ أخي الأصغرُ بسنٍ صَغيرةٍ لا تسمحُ له بالمساعدةِ في العَملِ المنزليِّ، كان النِظامُ يقسم العمَلَ قِسمَةً غيرَ عادلةٍ كُلياً حيثُ كانَ علي غسلُ الأطباقِ يوماً وأخي الأكبرُ يَفعلُ هذا في اليومِ الَّذي يَليهِ، وتخيلوا ما الَّذي سَيحصلُ حينَ نُمضي يَوماً كامِلاً خارِجَ المنزِلِ أو نتناولُ طعامَ الغذاءِ خَارِجاً.

وبالرغمِ مِن أنّها تبدو أنظِمةً جيدةً إلا أنّها لم تَخلُ مِنَ الثَغراتِ فَلم يكن هُناكَ أي لوائح تُنظمُ أمرَ ترتيبِ الأطباقِ النَّظيفة كنّا نضطر أنا وأمّي لِترتيبِها، وحينَ أشكو قِلَّة ترتيبِهم كانت والدتي تقول لي بأنَّ غيرَهم من الفِتيانِ لا يقدِّمون أي مساعدة ولم يكن هذا ليقنِعَني فقد كُنت أفضِّل أن يعملَ الفِتيان الآخرون.

ومنذ مدَّة بدأت ألحظُ ظاهرةً غريبة تتكررُ يومياً بعد تناول طَعامِ الغذاء فلسببٍ ما يتحوَّل أخواي إلى أكثر الفتيانِ طاعةً لوالدتِهما ويلتزِمان بأوامِرها حرفياً خصوصاً عندما تطلبُ -كما إعتادت- أن ينظفَ كلٌّ منّا طبقه فينظِفانِ طبقيهِما فقط، ويترُكان الملاعِقَ التِزاماً بأوامر والدتي، الأمر الَّذي كانَ يُثيرُ جنوني..

وأيضاً إكتشَفت أنَّهما يحِبَّان لُعبة الإختِباء كثيراً فهما بارعانِ في إخفاء الأطباق والملاعِق في الحوض، وإستطعنا التَّغلبَ على هذه المشكِلة فأصبحتُ حريصةً على أداء عملي أولاً فلا يبقى مكانٌ لإخفاء شيءٍ ما في الحوض.

فعلاً الفتيان فاشلون كلياً فيما يتعلّق بالأعمال المنزِليّة، ولكن هذا لم يمنع من إشراكِهما في مزيدٍ مِن الأعمال، فبسبب حظ أخوي السَّعيد لم تكن مساعدتهما مقتصِرةً على غسل الأطباق، بل كان عليهما ترتيبُ غرفتِهما، وتعليقُ الغسيل على الحِبال وتنظيفُ الشّرفات بالإضافة لمهمَّة الفتيانِ الأبديّة وهي التخلّص من القمامة.

تبدو الديمقراطية صعبةً بالنسبة للفتيان وهذا جيدٌ للغاية، لكن أعتقدُ أن عليهم تقديم بعض أو لنقل الكثيرَ من المساعَدة فلا قانون يقولُ بأنَّ هذا الأمرَ خاصٌ بالفتيات..

حُيِّيتَ أيّها العدل.

الكاتب: آية الدقاق.

المصدر: موقع رسالة المرأة.